ماري دي رابوتان ـ شانتال(1626 ـ 1696) ، ماركيزة دي سيفنييه أديبة فرنسية أبدعت في فن كتابة
الرسائل الذي بدأ بالانتشار جنساً أدبياً في القرن السابع عشر. كتبت أكثر من ألف
رسالة لابنتها وأصدقائها، فكانت شاهداً على أحداث حياتها وعصرها مع أنها نشرت بعد
وفاتها. ولدت سيفنييه في باريس لأسرة نبيلة لكنها فقدت والديها في طفولتها، ونشأت
في كنف أسرة والدتها حيث تلقت تربية راقية وتعلمت اللاتينية والإسبانية والإيطالية
على يد مدرسها الشاعر والفيلسوف جيل ميناج ، الذي عبرت له فيما بعد عن
امتنانها وصداقتها في رسالة تؤكد له فيها أن الفراق والزمن لن يؤثرا في صداقتهما.
وأسهم جان شابلان أيضاً في تكوين ثقافتها الأدبية، وهيّأ لها ذلك كله
مستوى من المعرفة نادراً عند النساء في ذلك العصر. تزوجت عام 1644 من الماركيز هنري
دي سيفنييه وأصبح اسمها الماركيزة دي سيفنييه، ودخلت بذلك مجتمع
البلاط الملكي. توفي زوجها عام 1651 إثر مبارزة تاركاً لها ابناً وابنة فسهرت على
تربيتهما ولم تتزوج مرة ثانية. شاركت في الحياة الثقافية وارتادت الصالونات الأدبية
حيث كانت تلتقي نخبة من الأديبات مثل مدام دي لافاييت ، وكانت هذه
الأجواء النسائية قد ظهرت في مسرحيات موليير، ولاسيما في مسرحية «نساء متحذلقات»،
وشاركت سيفنييه في تطوير الصورة الأدبية portrait التي انتشرت أيضاً في ذلك
العصر.
تزوجت ابنتها عام
1669 من الكونت دي غرينيان واستقرت في مقاطعة البروفانس لعمله
في الجيش الملكي، في حين كانت المركيزة تتنقل بين باريس وقصرها في بريتانيا أو في مدينة نانت . ولتخفيف ألم الفراق تبادلتا الرسائل، وعبّرت
فيها الأم عن حزنها لفراقها ابنتها. كانت سيفنييه سيدة متدينة، تحب أن تستمتع
بالحياة، لكن تعبيرها عن أفكارها حول الموت أظهر إيمانها. ففي رسالة لابنتها عام
1672 تساءلت عن موتها (كيف سيحدث؟ وهل ستذهب إلى الجنة أم النار؟) فهي ترى أن الموت
شيء رهيب، وتصف حياتها بالجوفاء. وعلى الرغم من كآبة الموضوع الذي تطرحه يبقى
أسلوبها سهلاً تتسلسل فيه الأسئلة القصيرة ببساطة لتصل إلى نتيجة مفادها أنها غير
خائفة من الموت، مما يعطي الرسالة نوعاً من الحيوية تشبه المناجاة الداخلية في
المسرح.
نُشرت رسائل
سيفنييه متفرقة ومتباعدة زمنياً، بعد وفاتها في قصر ابنتها في غرينيان. وكانت أولها
ست رسائل أرسلتها لأحد أقاربها واسمه بوسي رابوتان فنشرها ضمن
مذكراته (1696). ثم نُشرت مجموعة من رسائلها تحت عنوان«رسائل مختارة للسيدة
المركيزة دي سيفنييه الى السيدة دي غرينيان ابنتها تحتوي على الكثير من خصوصيات
تاريخ لويس الرابع عشر» (1725). كذلك بدأت حفيدتها بولين دي سيميان عام 1714 بنقل
رسائل جدتها التي نشرت بعضها (138 رسالة) تحت عنوان «رسائل ماري ـ رابوتان شانتال،
ماركيزة دي سيفنييه، إلى السيدة الكونتيسة دي غرينيان، ابنتها» (1726).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق