"حكايات ايسوب" من أشهر الحكايات القصصية أعتبرها البعض
امتدادا للحكايات الخرافية التي وردت على لسان الحيوان وتسمى أحيانا "حكايات بيديا"
نسبة إلى راوي الحكايات الهندي, والتي ترجمها "ابن المقفع" ب"كليلة
ودمنة".
تتميز الحكاية الخرافية بأنها قصيرة وعلى لسان حيوان على الأغلب
أو بعض ظواهر الطبيعة, تحمل في طياتها دلالات أخلاقية . أي أنها أخلاقية بالدرجة
الأولى وليست تاريخية. كما أنها تضم الأمثال والحكم وحكايات المغامرات والأحداث
العجيبة.
وجدت الحكايات الخرافية في بداية الحضارة ألاغريقية, وقبل
"ايسوب" (ربما في القرن السابع أو الثامن قبل الميلاد). والطريف أن أغلب تلك
الحكايات تنسب إلى "ايسوب" منذ القرن السادس قبل الميلاد.
وقد ازدهرت
الحكاية الخرافية في أوروبا في العصور الوسطى, وقد استفاد الأدباء والشعراء من تلك
الحكايات في أعمالهم الأدبية والمسرحية في مرحلة متقدمة. وهو ما تجلى بارزا في
أعمال الشاعر الفرنسي "جان دى لافونتين". ثم تتابع توظيف الحكايات الخرافية ليس فقط
في الآداب الغربية بل والعربية أيضا.
الطريف أن يتحدث الباحثون عن
"ايسوب" كما حدث مع غيره من المشاهير ..وتساءل البعض:"هل "ايسوب" شخصية
حقيقية؟"
مجموعة تعتقد أنه من عادة اليونانيين أن ينسبوا الأعمال
المجهولة إلى مؤلف ما,إن لم يكن لها مؤلفا. كما يرى فريقا آخر أن "ايسوب" شخصية شبه
أسطورية وأنه المؤلف الحقيقي لتلك الحكايات, بل ونسبوا إليه صفة الإصلاح والصلاح,
حتى أنه أصلح من أحوال بعض الكهنة في عصره. أما الفريق الثالث (منهم هيرودوت) يؤكد
أنه شخصية حقيقية غير أسطورية, بل وكان عبدا في أثينا وقد أعتقه سيده. وقد أكد
البعض أنه شخصية حقيقية, وذكره بعض أعلام الإغريق في كتاباتهم
(أفلاطون-أرسطو-أرستوفان-أكسينوفان).
فقيل ان ايسوب عاش في القرن السادس
قبل الميلاد. ويشير الباحثون الى عدة مناطق يقولون انه عاش فيها. وقد ولد عبدا، وفي
حياته كان ملكا لاثنين من السادة قبل ان يعتق من العبودية مكافأة له على ذكائه
وفطنته. وبعد انعتاقه عمل في الحياة العامة وسافر في طول البلاد وعرضها راويا قصصه
للناس على الطرق. وقد اعجب به الملك كروسس، ملك ليديا، فمنحه حق الاقامة في مملكته
ومنحه عملا في بلاطه.
وفي مهمة من الملك كروسس لتوزيع كمية من الذهب على
سكان دلفي في اليونان، وقع سوء فهم حول كم من الذهب يجب ان يعطى كل شخص. فشعر ايسوب
ان السكان لم يقدروا هدية الملك حق تقديرها، فقرر ان يعود بالذهب الى كروسس. وفي
طريق العودة طارده سكان دلفي ووضعوا في كيسه بعض الذهب المسروق دون ان يعلم هو
بذلك. وعندما اكتشف الامر وظن الناس ان ايسوب قد سرق الذهب حكم عليه بالموت برميه
من مكان مرتفع.
وقد انتشرت حكايات ايسوب في كل انحاء العالم، وقرأتها
اجيال بعد اجيال من القراء. ولكن ليس كل ما ينسب الى ايسوب من حكايات من تأليفه.
وهناك اسباب كثيرة تدعونا الى الاقتناع بان بعض الحكايات المنسوبة اليه ليست له.
وهذا امر كثير الحدوث بان ينسب عمل لمؤلف غير مؤلفه او لمؤلف ليس له وجود اصلا.
ولكن المهم هو ان الحكايات مازالت في متناول الناس في كل مكان بكل ما تحمله من حكمة
وتسلية وفائدة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق