مصدر الصورة جيم زنتغراف، متحف ويتي.
تاريخ الطب:
نسبت كافة المجتمعات القديمة المرض لأسباب روحانية. بما فيها من سوء
النية من شخص آخر، روح شريرة، العرافة أو التدخل الإلهي للخير أو للشر. وعندما كان
يمرض أحدهم، كان يزور الشامان للتداوي. كان الشامان (أو المشعوذ) كاهنا، معالجا،
ساحرا وعرافا. وكوسيط بين العالم الطبيعي والروحاني، وقد....
كان يؤدي مهنته عبر الدخول
في حالة النشوة، أي الاستحواذ بواسطة روح. ويستخدم الرقية والتعويذات، والتميمة
والأصنام لإبعاد أو استرضاء الآلهة أو الأرواح التي يعتقد أنها مسؤولة عن سقم
الناس.يعتبر الشامان ذي الشعر الطويل مثالا على الفن الصخري الأمريكي الأصيل
من كهف بانثر، في منطقة لوور بيكوس في تكساس. يبدو الشامان في نشوة.
الشامانية في العصر الحالي:
ما تزال
الشامانية قيد الممارسة حتى الآن في العديد من أرجاء العالم، تحت مسميات مختلفة
كثيرة. على سبيل المثال، سانغوما هو المصطلح المستخدم من قبل بعض سكان جنوب أفريقيا.
حتى في يومنا هذا، تعتمد الكثير من المناطق على المداوي التقليدي
لمعالجة المرض. وقد يلجأ شعب إكسهوزا للسانغوما (على اليسار) من أجل
المساعدة.
نشأ العديد من تقاليد الشامان في سيبيريا.
وهذه تتضمن التيبتية، المنغولية، الكورية، اليابانية، وتلك الخاصة بالأمريكيين
الأصليين، من الإسكيمو في أقصى الشمال إلى المجتمعات الأصلية في جنوب أمريكا.
ويحتفظ الفلكلور الأوروبي ببقايا التقاليد الشامانية المبكرة التي جاءت من سيبيريا
أيضا. وربما تجسدت تلك في عرافة القرون الوسطى لكننا لانعلم شيئا عن ممارستها.
وتأتي الروايات الباقية من السلطات الكنيسة التي اعتبرت العرافة عمل الشيطان وعملت
بفاعلية لتدميرها. وتقول رواياتها الرهيبة التي تفصل أن الطقوس الشيطانية وعبادة
الشيطان كانت في معظمها من نسج الخيال. لكنها توحي، رغم ذلك، بأن العرافة تبنت بعض
الطقوس المسيحية.
تعرف هذه النزعة في تبني ممارسات من
تقاليد أخرى بالتوفيق بين المعتقدات. وقد شاعت حول العالم. على سبيل المثال، نشأ
عدد من الأديان في الأمريكيتين بين العبيد الأفارقة وكانت مبنية على التقاليد
الأفريقية الروحانية (والشامانية) لكنها دمجت عناصر مسيحية وعناصر أخرى. الفودو
الهاييتي، السانتيريا الكوبية، والكاندومبلي البرازيلية هي أمثلة على تلك الأديان،
التي تجمع بين الكهانة وممارسات المعالجة. ورغم أن الكنيسة المسيحية تشجب هذه
التقاليد، فهي تبقى جزءا حيويا من الدين في الأمريكيتين.
في حالات أخرى، تم استيعاب الشامانية من قبل تقاليد دينية رئيسية. وتعتبر
البوذية التيبتية مثالا جيدا. فالممارس الذي يمكن لمريضنا أن يزوره في لاداك هو
بوذي. ومن المرجح أن يكون الشخص امرأة. في لاداك يمكن أن يكون الشامان رجلا ( ويسمى
إيهابوس), لكن معظمهم من النساء (وتسمى إحداهن إيهاموس). في بعض المناطق- كوريا
مثلا- هم من النساء حصريا.
يقدم هذا المعالج التقليدي من ماليزيا العلاج. وهو يحمل العديد من
الزخارف المعلقة على جسده بخطافات حادة .
وما الذي
تفعله اللاداكي إيهامو لمعالجة ألم في المعدة مثلا؟ بعد أن تدخل في النشوة، تقوم
بامتصاص مصدر المرض من المريض، باستخدام قشة أو أنبوب صغير يوضع على المعدة. ثم
تبصق مادة سوداء، إما سائل أو كريات صغيرة، في كأس لعرضها على المريض. وتتلقى لقاء
ذلك أجرا ضئيلا جدا.
يشعر الكثيرون من اللداكيين أن خدماتها
تساعد، مهما كانت تلك المادة السوداء. ربما يعود سبب ذلك إلى أن العديد من المشاكل
تتلاشى مع الوقت. أو قد يكون هذا مثال على الرابط بين العقل والجسم في الشفاء. إذا
كان مريض يعتقد أن شيئا ما سيجعله معافى، عندها سيشعر بتحسن حقيقي. وقد تمت برهنة
الأثر علميا، وسمي بتأثير الدواء الوهمي. هكذا تفسر معظم البحوث فعالية بعض
العلاجات التي لا تملك سندا علميا ثابتا. ومهما كان تفسير نجاح الشامان، يواصل
الكثير من الناس حول العالم بزيارة الشامان عندما يصابون بالمرض.
وفي مرحلة ما من التاريخ، بدأ المداوون بتطوير علاجات أساسها النباتات،
والمعادن، أو أي علاجات مادية أخرى. وهذه هي ما تشكل أساس ما يسمى بالطب التقليدي.
وحالما نظم الناس أنفسهم كمجموعات، معينين أدوارا
مختلفة لأشخاص مختلفين، ظهر الشامان كأحد أهم الاختصاصيين في أي مجتمع. تظهر رسومات
الكهوف منذ 17000 سنة مضت رجالا بأقنعة حيوانات يؤدون رقصات شعائرية. وربما يكونون
شامان قدماء.
إلى جانب دورهم كمعالجين روحانيين، طور
الشامان أيضا مهارات عملية مثل تعديل العظام المكسورة واستخدام الأدوية العشبية.
إننا نعلم ذلك من الكتب القديمة لمصر، بلاد الرافدين، واليونان حيث كان ممارسو الطب
الأوائل عبارة عن شامان أساسا.
وثق المصريون القدامى ممارساتهم الطبية. إننا نبحث هناك أولا
لتفحص دور الشامانية في المداواة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق