نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن كتاب جديد صدر في بريطانيا أن "الزعيم الألماني أدولف هتلرلم ينتحر في العاصمة الألمانية في العام 1945 كما هو معلوم،بل انتقل إلى الأرجنتين مع عشيقته إيفا براون بسرية تامة وتوفي هناك في 13 شباط 1962 عن عمريناهز الـ73 عاما"، لافتة إلى أن "الكتاب الذي سمّاه كاتباه "الذئب الرمادي: هروب أدولف هتلر"، يشير إلى أنّ أجهزة الإستخبارات الأميركية سهّلت إنتقال هتلر إلى الأرجنتين، وحصلت منه بالمقابل على التكنولوجيا التي استخدمتها الأرجنتين.
وأضافت الصحيفة أن "الكاتبين استندا في معلوماتهما إلى وثائق طبية تؤكد أنّ الجمجمة التي تظن روسيا أنها تعود للزعيم الألماني، هي لامرأة، وليست لهتلر، وهو رزق من إيفا بابنتين خلال الفترة التي قضياها في الأرجنتين.
لم أكن أدري من قبل أن انتحار هتلر مسألة قابلة للنقاش، فما قرأته عن هتلر في الكتب والموسوعات جزم بكل ثقة أن هتلر انتحر بأن أطلق الرصاص على رأسه في يوم 30 نيسان/أبريل عام 1945 و قام ضباطه و معاونيه بحرق جثته لإخفاء معالمها في حديقة دار المستشارية ..
هذا هو ما أعلمه تاريخياً، و هذا هو ما أيدته بعض الصور المثيرة لهتلر ميتاً، وصورة أخرى لجمجمته وبها أثر الطلقة التي انتحر بها.أين اللغز في هذا؟
من هو هتلر:
قبل أن نتحدث عن لغز موت هتلر فلنتحدث قليلاً عن الرجل الذي كان سبباً في موت أكثر من 70 مليون إنسان، ما بين عسكرين ومدنيين، وكان عدد المدنيين وحدهم أكثر من 45 مليون مدني ومعظمهم لم يكن لديهم شأن بالحرب.
ولد (أدولف ألويس هتلر) عام 1889 في النمسا لأبوين ألمانيين، و كان أبوه يعمل موظفاً في الجمارك النمساوية، و أمه تُدعى (كلارا). والد هتلر أثار الكثير من التساؤلات حول نسبه وأصله، فقد روى عن والدته أنه قامت بتعميده في الكنيسة قبل زواج أمه بخمسة أعوام كاملة، أي أنه ابن غير شرعي لا يُعلم أبيه يقيناً.
و أما عن ماضي أمه فهو يساعد على جعل اللغز أكثر غموضاً، حيث أنها عملت خادمة في الكثير من البيوت، و يُحتمل أن يكون والد (ألويس هتلر) أحد أولئك السادة. (أحدهم يهودي بالمناسبة، و حاول أن تتخيل لو كان هتلر الذي دمر ذلك العدد من اليهود أصله يهودي).
لذلك فزعم هتلر كونه أحد أفراد الجنس الآري الصافي فيه الكثير من الشك، ولكنها خدعة انطلت على الشعب الألماني.
بدأ (أدولف) الصغير حياته مع أب قاس، عانى معه أسوأ المعاملة، وأثرت كثيراً في شخصيته، وحينما مات هذا الأب وحاول (هتلر) سلوك حياته كرسام مبتديء، ولكنه لاقى فشلاً ذريعاً في هذا الشأن .. كان هذا في فيينا قبل قيام الحرب العالمية الأولى.
بعدها بقليل في عام 1914 قامت الحرب العالمية الأولى، وانضم (هتلر) إلى الجيش الألماني في الحرب، و أبلى فيها بلاءاً حسناً وجُرح ثلاث مرات ونال وسام الشجاعة مرتين، وعندما انتهت الحرب عام 1918 بمعاهدة فرساي التي كُتبت في عربة قطار واعتبرها (هتلر) معاهدة جائرة على الشعب الألماني، وأثرت في نفسيته كثيراً وكانت عاملاً مهماً لقيام الحرب العالمية الثانية عام 1939.
وعلى الرغم من إجماع الكثيرين على أن (هتلر) ما هو إلا مجنون كبير، ساعدته الظروف على اعتلاء عرش ألمانيا، إلا أن هذا المجنون وضع بصمته في التاريخ الإنساني كله.
وحتى لا يكون المقال منصباً على حياة (هتلر) فسنعود إلى الحديث عنها لاحقاً .. أما اليوم فسنتحدث عن الأيام الأخيرة في حياة الفوهررFuhrer .
الأيام الأخيرة:
نحن الآن في أواخر شهر أبريل و وضع ألمانيا العسكري في أسوأ حالاته، و قوات الحلفاء أطبقت على برلين من الشرق والغرب، و الجيش الألماني يدافع عن برلين باستماتة، متأثراً بالخطب الحماسية للفوهرر الذي رفض الاستسلام أو التفاوض حتى النهاية، و اعتبر أي محاولة للتفاوض مع العدو تعتبر خيانة لألمانيا، و كان ما فعله مع (روميل) ثعلب الصحراء خير دليل على ذلك.
(هتلر) في مخبأة في تحت الأرض في قبو دار المستشارية، و كل المحيطين به يؤكدون أن حالته النفسية كانت كأسوأ ما يكون بمزيج فريد من الإحباط واليأس و القنوط، وأضف عليهم العصبية الشديدة و العناد و الغضب، وخاصة بعد أن وردت إليه أنباء بأن ذراعه الأيمن، وقائد الجستابو (هملر) قد بدأ يفاوض الإنجليز على التسليم، فازداد غضبه، و من شدة عصبيته وتهوره قام بإجراء غاية في الوحشية والحماقة.
إذ كان من ضمن الموجودين في القبو أحد رجال (هملر) فأمر (هتلر) بقتله على الفور بتهمة الخيانة، على الرغم من أن الضابط الشاب لم يرتكب ما يشين في حق الفوهرر أو ألمانيا .. وبالفعل تم إعدام الضابط رمياً بالرصاص في فناء دار المستشارية.
في آخر ثلاثة أيام من شهر أبريل/نيسان كانت حالة الفوهرر في غاية السوء بشكل لا يمكن تصوره، لقد تمكن منه الإحباط و اليأس والقنوط و أصبحت قراراته كلها متسمة باليأس، وخاصة بعد تلك الأنباء المخزية عما فعله ذراعه اليمنى (هملر).
بعد زواجه بعشيقته (إيفا براون) في منتصف ليلة 28 أبريل، وفي صبيحة اليوم التالي مباشرة (29 أبريل)، يجتمع به (هيلموت فيدلنج) قائد عمليات الدفاع عن مدينة برلين ليخبره أن الأوضاع أسوأ ما يكون وأن الجيش السوفييتي على بُعد 500 متر فحسب من دار المستشارية، و لم يكن هتلر في الواقع في حاجة ليدرك هذا، حيث أن طائرات الحلفاء كانت تقصف دار المستشارية بالقنابل بالفعل.
و أنبأه (فيدلنج) أن المدينة ستسقط لا ريب قبل حلول الظلام، و طلب منه الإذن بوقف القتال ومناقشة قرار التسليم. و في المرات العادية كان (هتلر) إذا سمع جملة كهذه يقوم بالثورة و لا يستطيع أحد استنتاج ردة فعله، و لكنه في هذه المرة صمت و لم يرد. و بعد انصراف (فيدلنج) أرسل إليه (هتلر) الأوامر بوقف إطلاق النار، و كان قد عزم أمره على الانتحار.
صور عشيقة هتلر و زوجته في اخر يوم من حياته ايفا بروان
كان أقصى ما يخشاه (هتلر) أن يقوم بالتسليم ليتم محاكمته أمام الحلفاء أو أن يسمح حتى للحلفاء بتسلم جثته حتى لا يمثلوا بها ويفعلوا بها كما فعلوا بجثة (موسوليني) في إيطاليا.لذلك عزم أمره على الانتحار هو وعشيقته (إيفا براون) وقام بتناول غداءه ظهر يوم 30 أبريل/نيسان (يوم انتحاره) وقاد بتوديع كل أعوانه ومن كانوا معه في مخبأه ودخل هو وعشيقته إلى المكتب وأغلقا عليهما الباب .. وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي رآه فيها معاونوه حياً.
و في تمام الساعة الثالثة والنصف في يوم 30 أبريل/نيسان يسجل التاريخ أن هذا هو التاريخ الذي مات فيه الرجل الذي تسبب في موت أكبر عدد من البشر في التاريخ .. وفاة (أدولف هتلر).
مبنى دار المستشارية قبل ان يهدمه الروس و في القبو تحته امضى هتلر اخر ايام حياته
تضارب الأقوال:
حتى اللحظة الأخيرة التي انتحر فيها (هتلر) لم يختلف اثنان على الأحداث التي تم توثيقها عن اللحظات الأخيرة لحياته، ولكن حينما نأتي إلى اللحظات التي تلي وفاته، يبدأ مسلسل تضارب الأقوال الذي أثار الكثير من الجدل حول انتحار (هتلر) من حياته.
حينما أجمع الموجودين أنهم سمعوا صوت إطلاق الرصاص من مكتب (هتلر) يؤكد (أوتو غاينش) معاون (هتلر) الشخصي – والواقف عند باب مكتبه – أنه لم يسمع شيئاً!!.
و حينما دخلوا على المكتب وجدوا جثه (هتلر) على الأريكة، وتسيل الدماء من رأسه في غزارة .. وكان جسده ينحني إلى الأمام. وهنا أيضاً تضاربت الأقوال، البعض قال إنه أطلق النار على جبهته مباشرة بطريقة اخترقت مع الرصاصة عنقه، بينما يقول آخرون أنه وضع فوهة المسدس في فمه لأعلى وتطاير على أثرها بعض من أجزاء جمجمته العلوية.
ثم سكبوا على الجثتين قرابة مائة لتر من الجازولين ثم أشغلوا فيهما النيران ووقفوا احتراماً يؤدون التحية الأخيرة للفوهرر.
ودخلوا بعدها إلى دار المستشارية حيث كان القصف شديداً لا يسمح بالبقاء، وانطلقوا إلى داخل الدار بينما الجثث قد تفحمت تماماً فلم يعد لها ملامح، ليس هذا فحسب، بل إن حارس البوابة يؤكد أن القذائف الروسية أكلمت عليها، فأصابتها قذيفة بعثرت البقية الباقية من الرماد، فلم يعد لها أثر.
و انتحر (جوبلز) بعد (هتلر) هو ووزوجته وأبناءه الستة، بينما فر الباقون .. كل هذا قبل أن يداهم السوفييت دار المستشارية.
ما يرويه السوفييت عن عثورهم على بقايا جثة (هتلر) هو المثير في الأمر حيث أنهم يقولون أن أحد الجنود وجد طرف سجادة في إحدى الحفر التي خلفتها القذائف، فقام بنبشها وعثر على جثتي (هتلر) و(إيفا) .. تبدو الرواية غير مترابطة مع الرواية التي رواها الألمان.
هناك التباس آخر في الأمر، و هو الساعة التي قضاها (هتلر) مع (إيفا) في حجرة مكتبه قبل سماع صوت الرصاصة، ماذا فعلا خلال تلك الساعة؟
و أيضاً مزاعم الروس بعد سقوط برلين والتي قدموها بأن (هتلر) حي وأنهم قبضوا عليه، ثم لم يلبث أن أعلنوا أنه فر، ثم أنه مات وأنهم عثروا على جثته، واحتفظوا بجمجمته.
صورة تزعم المخابرات الروسية انها لجثة هتلر بعد ان انتحر
سؤال آخر .. ما يدريك أن ما رواه معاونوا (هتلر) كان هو الصواب وأنهم لم يموهوا على عملية تهريب هتلر، وحرق جثة أخرى لتضليل الحلفاء؟ لاحظوا أن من روى القصة كان من أقرب المقربين وأكثرهم إخلاصاً للفوهرر، ويساعد هذا الزعم الأقوال المتضاربة حول التفاصيل الأخيرة لنهاية الفوهرر.أما عن تلك الصورة (المزعومة) لجثة (هتلر) فهي دليل آخر على كذب رواية انتحار (هتلر)، حيث أنه لم يذكر أحد من رواة هذه القصة أي ملحوظة عن أي صورة التقطوها لـ (هتلر) بعد انتحاره، هذا فضلاً عن أن الصورة – المزعومة – تبدو بها جثة (هتلر) على خلاف الروايات التي رويت عن شكل الجثة بعد أن اخترقت الرصاصة رأسه، و أيضاً عن وضعية الجثة، حيث كان من المفروض أن تكون الجثة جالسة على الأريكة، و أي تحريك لها سيثر مساحة أخرى من الدم ستبدو أشد وضوحاً في الصورة.
الجمجمة التي وجدوها والتي زعموا أنها لت (هتلر) اتضح بعد الفحص الحديث للحمض النووي دي إن إيه أن الجثة لامرأة بين العشرين والأربعين من عمرها !! .. لا بأس .. ربما تكون هذه هي جثة (إيفا براون)، ولكن من دخلوا المكتب ورأوا جثة (إيفا) ورواة الأحداث الأخيرة في حياة الفوهرر يؤكدون أن (إيفا) انتحرت بسم السيانيد فقط، وليس الرصاص كما فعل (هتلر).
نقطة أخيرة من المفروض – حسب الروايات – أن (هتلر) انتحر بشرب السم ثم إطلاق النار على رأسه، تقول الإحصائيات أن هذا غير ممكن عملياً، حيث أن سم السيانيد يسري مفعوله بسرعة عالية جداً في جسد متجرعه، وتشل جسده بشكل لا يساعده على التركيز أو رفع مسدس وتصويبه إلى الرأس وضغط الزناد، فكيف استطاع (هتلر) القيام بكل هذا؟
كل هذه التشوهات في القصة التي رواها رجال (هتلر) للتاريخ، وتضارب أقوالهم تفتح الخيال لتصور آخر لحياة أخرى عاشها (هتلر) بعيداً عن أعين أعداءه.
صورة تتحدث عن تنكر هتلر و انه
هتلر متنكراً:أما من ساعده خياله على تصور عدم انتحار (هتلر) فقد بدأ يدمج الكثير من التفاصيل الصغيرة والتصورات المنطقية ليقوم برسم قصة خيالية قام على أثرها (هتلر) بالتخفي والهرب وعاش بقية حياته آمناً سالماً من عيون أعداءه. صور من يؤيد هذا الاقتراح بعدة فرضيات كالتالي:-
1- كان لـ (هتلر) 6 أشباه يمكن لأحدهم أن يتنكر ويقضي الأيام الأخيرة مكان (هتلر) في دار المستشارية ويلهي عيون أعوانه وأعداءه بينما يهرب (هتلر) إلى خارج ألمانيا.
2- من السهل تغيير ملامح (هتلر) .. فقام البعض بتغيير أحد صور هتلر بأكثر من طريقة وكانت النتائج مبهرة، إذ أسفرت عن شخص آخر تماماً لا يمكنك تصور كونه الفوهرر في أي لحظة من اللحظات، خاصة لو كان شخصاً تعرفه عن طريق الصور والتسجيلات المرئية ولم تعاشره عن قرب.
2- من السهل تغيير ملامح (هتلر) .. فقام البعض بتغيير أحد صور هتلر بأكثر من طريقة وكانت النتائج مبهرة، إذ أسفرت عن شخص آخر تماماً لا يمكنك تصور كونه الفوهرر في أي لحظة من اللحظات، خاصة لو كان شخصاً تعرفه عن طريق الصور والتسجيلات المرئية ولم تعاشره عن قرب.
و على بعض هذه الاحتمالا فإن (هتلر) قد فر من ألمانيا بمعاونة محبيه، وقضى بقية عمره في مكان ناء، ربما للتخطيط للعودة في يوم ما، أو للحفاظ على سلامته الشخصية بقية عمره ..
لا أحد يدري تحديداً و لكن المؤكد فوق كل هذا أن (هتلر) قد مات و شبع موتاً، و إن كان حياً الآن فعمره بالتأكيد سيتجاوز المائة بأكثر من عشرين عاماً، و هذا صعب للغاية، إن لم يكن مستحيل، و لن نخوض في زعم من ادعوا أن هناك من قام بصنع إكسير الحياة لـ(هتلر) و أن (هتلر) يعيش بيننا متخفياً الآن منتظر اللحظة التي تقف فيها ألمانيا على أقدامها عسكرياً مرة أخرى لتعلن للعالم أجمع من هو الجنس الآري.
و على الرغم من كل هذه التخرصات فسيظل موت (هتلر) لغزاً يثير حيرة الجميع، على الرغم من غياب فوهرر النازية من حياتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق