في هذا الوقت الحرج وصلت مارغريتا زوجة الجنرال ألكسندر توتشكوف بعد عناء سفر طويل وطلبت من زوجها أن ترقد إلى النوم. وأثناء ذلك رأت في حلمها عبارة تقول: "مصيرك سيتقرر في بورودينو" وكان أحرف هذه الكلمات تقطر دماً، عندها صرخت زوجته واستيقظت على الفور وتساءلت بقلق:بورودينو، أين تقع بورودينو؟- سوف يقتلونك في بورودينو.
سمع الجنرال هذا الاسم لأول مرة. وبالطبع تحدثت توتشكوفا عن حلمها وحاول تهدئتها قائلاً: هذا مجرد كابوس فليس هناك منطقة تدعى بورودينو. وبالفعل بدأت تتساءل مارغريتا لماذا سوف يقتل حتماً في منطقة بورودينو غير المعروفة، إذ أن الكتابات لا تشير إلى ذلك على كل حال بعد أن هدأ روعها عادت إلى النوم. لكن الكابوس تكرر مرة أخرى مع نفس الكلمات التي تقطر حروفها دماً، لكن بالإضافة إلى أحرف توتشكوفا رأت في حلمها كاهناً ووالدها واخوها كيريل الذين كانوا يقفون على باب غرفتها. بعد ذلك استيقظت مارغريتا مرعوبة مما أثار قلق الجنرال بشكل كبير. وفي منتصف الليل أرسل معاونه إلى مقر القيادة ليأتي به بخارطة مفصلة عن روسيا. وبدأ الزوجان بدراسة الخارطة بعناية كبيرة ولم يشاهدا مكاناً بورودينو!
وهنا قام الجنرال بتهدئة زوجته قائلاً على ما يبدو بأن هذا الاسم شبيه بالأسماء الإيطالية، وإيطاليا بلد بعيد ومن غير المحتمل أن نحارب الفرنسيين هناك.
لم تتمكن مارغريتا من نسيان حلمها، وسرعان ما غادرت المكان متجهة نحو مسقط رأسها.
وفي شهر حزيران/يونيو بدأت الحرب مع نابليون وتوجه الجيش الفرنسي نحو موسكو، ومع مشاعر القلق والأمل كانت توتشكوفا تنتظر أخباراً عن زوجها. وفي شهر أيلول/سبتمبر انقطعت الرسائل، ولم تتمكن هذه المرأة الحزينة أن تجد لنفسها مكاناً في هذا العالم. وفي صباح احد الأيام فتح باب غرفتها حيث كان والدها ومعه كاهن وهذه الصورة تشبه تماماً الحلم الذي راودها آنذاك ولكن من دون شقيقها، وهنا تساءلت:
أين كيريل؟ في هذه الأثناء دخل شقيقها الغرفة قادماً من الجيش لإخبار شقيقته نبأً فظيعاً عن وفاة زوجها في معركة دامية مع الفرنسيين بالقرب من قرية صغيرة من موسكو تدعى قرية بورودينو. وبهذا يكون الحلم قد تحقق وبعد ذلك حاولت مارغريتا أن تعثر على جثة زوجها في ساحة المعركة لكن لم يتم العثور على جسد الجنرال من بين عشرات الآلاف القتلى.
وبعد طرد نابليون من روسيا بنت كنيسة في موقع المعركة تخليداً لذكرى زوجها وجميع الجنود الروس الذين سقطوا شهداء آنذاك. ومع مرور الوقت شيد دير سباسو- بورودينو، وهنا ارتدت مارغريتا لباس الراهبات وأصبحت إحدى راعيات الدير. عاشت زوجة الجنرال حياة طويلة وتوفيت عام 1852 أي بعد 40 عاماً من وفاة زوجها وتم دفنها في حرم الكنيسة التي بنتها.
مازال دير سباسو- بورودينو موجوداً حتى الآن، أما أرض بورودينو أصبحت معروفة في روسيا باسم ساحة المجد الروسي. ففي الثاني من شهر أيلول/سبتمبر من عام 2012 جرت احتفالات كبيرة بمناسبة ذكرى مرور 200 عام على المعركة العظيمة. وقد تبين بأن رؤية توتشكوفا فيما بعد قد تحققت ليس فقط بالنسبة لها وإنما بالنسبة للبلاد أيضاً، إذ أن معركة بورودينو في حقيقة الأمر قررت مصير روسيا، التي هزمت جيش نابليون وطردته إلى أبواب باريس، كما طردت قوات هتلر بعد قرن ونصف القرن إلى برلين وانتصرت عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق