إعلان علماء آثار أميركيين قبل يومين بأنهم عثروا على هيكل عظمي "نادر" في قبو ظل فيه 84 سنة أسفل أحد المتاحف بولاية فيلادلفيا، بدأ يثير الجدل على كل صعيد، فقط لأنهم أطلقوا عليه اسم "نوح" في إشارة منهم إلى نبي الطوفان الذي امتد به العمر 950 عاماً، طبقاً للوارد عنه في القرآن، إلا أن مكتشفي الهيكل العظمي يقولون إنه لرجل كان ذو عضلات، عمره 50 وطوله 1.78 سنتيمترا، وعاش قبل 6500 عام في مدينة "أور" القريبة مواقعها الأثرية 16 كيلومترا عن الناصرية بجنوب العراق.
العلماء الأميركيون هم من "متحف الآثار والأنثروبولوجيا" التابع لجامعة بنسلفانيا، والذي أصدر بيانا الثلاثاء الماضي قال فيه إنه فقد لبعض الوقت كل الوثائق الخاصة بالهيكل العظمي الذي عثرت عليه بعثة أميركية- بريطانية مشتركة في 1930 ونقلته بعدها الى المتحف لدراسته، فبقي في قبو فيه من دون أن يدري به أحد، الى أن عثروا على ما يدل عليه هذا الصيف أثناء مشروع لتوثيق رقمي لسجلات البعثة التي كانت ناشطة بقيادة السير البريطاني ليونارد وولين في التنقيب بالمقبرة الملكية في موقع "أور" التاريخي، فصنفوه كنادر وله أهمية خاصة.
وفي البيان ذكر المتحف أن إطلاق اسم "نوح" على الهيكل العظمي تم حين عثرت عليه البعثة في القرن الماضي بالعراق، وتم استخراجه من عمق 12 متراً من طبقة عميقة من الطين المتراكم في باطن الأرض أسفل المقبرة التي ترجع إلى 2500 عام قبل الميلاد، وهو ما يشير الى أنه سابق للمقبرة العظمى بأكثر من 2000 عام.
"من الممكن أن الهيكل يعود لرجل مميز"
كما شرح علماء المتحف الذي يحتفظ بهيكل عظمي آخر من موقع "أور" إلا أن "نوح" أقدم منه ومن أي هيكل آخر تم اكتشافه هناك بحوالي 2000 عام، أن الطين المتراكم نجم عن فيضان هائل قبل 65 قرنا، وأن التقنيات العلمية التي لم تكن متوفرة للبعثة وقت الحملة، فيما التقنيات الحالية ستساعد العلماء على التعرف الى أوجه جديدة للغذاء وأصول الأجداد والأمراض التي كانت سائدة بالمنطقة في ذلك الوقت.
وعملت البعثة المشتركة بين 1929 و1930 من القرن الماضي، حيث عثرت على من سمته "نوح" مدفونا لفي الطمي الطيني مع 48 جثة أخرى على عمق 60 قدما تحت الأرض في طبقة من الطمي الناتجة عن فيضانات كارثية، وقام السير وولي وقتها بصب الشمع على هيكل "نوح" للحفاظ على تماسك العظام فيه، ثم شحنها إلى لندن، ومن بعدها إلى فيلاديلفيا.
إلا أن سجلات السير وولي عن الهيكل العظمي ضاعت، فاضطروا الى حفظه في قبو المتحف، حيث بقي غير مكتشف لعقود، حتى عثر الدكتور وليام هافورد على وثيقة عن الحفريات خلال عمله على مشروع رقمنة سجلات التنقيب الخاصة بالسير وولي، فعرف التفاصيل بشأنه، وبأنه نادر فعلا، لذلك قال فيما قرأته "العربية.نت" بوسائل إعلام أميركية تطرقت للخبر: "من الممكن أن هذا الهيكل العظمي يعود إلى رجل مميز، فقد كان طويلا وذو عضلات مفتولة، وعاش حوالي 50 عاماً" وفق تعبيره.
وذكر الدكتور هافورد أن جثة "نوح" دفنت مع 10 أوان فخارية تم العثور عليها عند قدميه، واحتوى بعضها على قمح ومؤن أخرى لحياة ما بعد الموت، إلا أن طيات الزمان ربما أفقدته ما كان يرتديه من حلي أو غيرها، حيث إنه لم يكن يرتدي أيا منها، ولم يكن معه أي مجوهرات في القبر، والظروف الغامضة في ذلك الوقت تسببت باهتراء ملابسه كليا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق