عندما يشعر الحيوان أو الإنسان بالألم يكون رد فعله تجاهه بناء على خبرة مستبقة من التعرض لنفس الألم ثم يتم تجميع القوى الدفاعية للجسم لكي يتم حصر ما تعرض للضرر والبدء في الإصلاح ولكن هل يمتلك النبات نفس الخاصية الدفاعية؟
كل علماء الطبيعة حتى الأشخاص البسطاء الذين يعملون في الحدائق يكادون يقسمون بأن النباتات لها نفس الوسائل الدفاعية الموجودة في الحيوانات والبشر وحتى مجرد الإحساس بما حولها ولكن المشكلة أن الأبحاث التي تعمل في هذا المجال لازالت في أطوارها الأولى فهي تعمل في هذه الأيام على تحديد نوع الذكاء الذي تتمتع به النباتات فعمر النباتات على الأرض أكبر بكثير من عمرنا نحن البشر ومع كل ما تعرضت له النباتات على الأرض إلا أن هناك أنواع لازالت صامدة .
تشير الأبحاث المبدئية إلى أن النباتات تمتلك قدرات مثل قدرات الحيوانات والبشر من حيث أنها تستطيع أن تشتم ما حولها وتتذوق وتشعر وتستمع إلى البيئة التي تعيش فيها ولكن بأشكال مختلفة عما نعرفه نحن حتى أن البذور تبدو حساسة لمؤثرات معينة.
يمكن للبذور أن تشعر المواد الكميائية التي يمكن أن تحيط بها وهذا يحدث بصورة شبه واضحة في الغابات فعندما تتعرض شجرة في الغابة إلى ضرر معين ترسل إشارات إلى جاراتها من الأشجار الأخرى مشجعة لهم على إفراز مواد كيميائية معينة تعمل كشبكة للتاكد من سلامة باقي الأشجار .
وكمثال على هذه الطريقة في دفاع النباتات عن نفسها نجد نبات فول الليما عندما تتم مهاجمته بواسطة العناكب يصدر عن النبات جاذبات كيميائية تنبيه بوجود مهاجم وهناك بعض النباتات الأخرى التي تساعد بعضها مثلًا في حالة الكرنب والتي تستخدم خاصية لكي تعطيها القدرة على أن الإحساس بما حولها فيما يشبه حاسة الشم لدى البشر .
وقد أوضح البحث أن هناك بعض النباتات مثل القطن تقوم ببث مواد كيميائية واصلة بين بعضها بشكل منتظم حتى إذا تأذى أحد النباتات تتغير نسبة المواد التي تصدر منها دليل على أنها إشارة لطلب النجدة لتطوير خط دفاعي لمقاومة الهجوم الحادث.
حتى أن النباتات تشعر بمن يلمسها أو ما يلمسها على حد سواء فهناك نبات الميموسا الذي يعطي رد فعل بإغلاق أوراقه على نفسها إذا ما تم لمسها بأي شكل وقد أثبت العلماء وجود مثل ردود الفعل هذه في أكثر من 17 نوع نباتي أخر تتأثر بما حولها ب 1000 طريقة مختلفة ويعتقد العلماء أنها تشعر بذلك عن طريق بكتيريا معينة بداخلها تنبهها لمثل هذه الحركات فيما يشبه النبضات الكهربية في الجهاز العصبي.
هل تخيلت يومًا أن تعرف أن النباتات تستجيب للأصوات رغم أن رد فعلها تجاهها بطئ حيث يضحك أحد الباحثين وهو يتحدث في هذه النقطة ويقول أنه يمكن أن يتحدث مع النبات لأسابيع قبل أن يلاحظ أي تغير طارئ عليه ولكن ما لا شك فيه أن النباتات تستجيب للضوضاء التي تبلغ قوتها من 70 إلى 80 ديسيبل حيث أنه هناك بعض الأنواع من النباتات التي تضاعف من طولها كرد فعل تجاه الأصوات المرتفعة كما أن هناك بعض أنواع البذور التي تنمو بشكل أسرع من 80 إلى 90%.
ولكن الأكثر إثارة للدهشة هي قدرة النباتات على الرؤية فهناك بعض النباتات الحساسة للضوء أو حتى للون معين من الطبيعة التي حولها وقد إكتشف بعض العلماء عن طريق إجراء الإختبارات على نوع ميعن من البروتينات الموجودة داخل الخلايا النباتية ويسمى فوجدوا انها حساسة جدًا للتعرض للضوء.
والأكثر غرابة أيضًا أن هناك أنواع من النباتات التي تشعر باتجاه الضوء ليس بوجود الضوء فقط مثل نبات عباد الشمس.
وهناك بعض الأبحاث التي كان يتم إجراءها على النمو فوجدوا عن طريق الصدفة أن هناك بعض أنواع النباتات التي يمكن أن يزيد معدل نموها بشكل معين إذا تم وضعها في بيئة ملونة بلون معين كما أن وضع النبات في بيئة ذات لون معين يمكن أن يجعلها تطور جيل جديد من النبات بنسبة من 20 إلى 50%.
وأخيرًا يعتقد العلماء أن النباتات لها قدرة رائعة على الكيف مع البيئة حولها أكثر من البشر وتستطيع التعامل مع الصعوبات التي تواجهها وإنتاج أجيال جديدة مقاومة حتى تستطيع الحفاظ على نوعها تخيل أن النباتات التي لم يمنحها الله العقل تنظر إلى إيجابيات مستقبلها ونحن البشر الذين كرمنا الله على جميع مخلوقاته ننظر إلى سلبيات الماضي والحاضر لنُظلم المستقبل أمام أعيننا.