بين الجدران الخرسانية الحصينة للمقر السابق للشرطة السرية في ألمانيا الشرقية، والذي كان يُعرف بـ"بيت الألف عين"، بما يحتويه من خرائط ووثائق تاريخية، يتجول السائحون من الأمريكيين والبريطانيين وقد ارتسمت على وجوههم علامات الدهشة والانبهار.
متحف شتازي:
في عصرها الذهبي أواخر النصف الأول من القرن الماضي، كانت وزارة أمن الدولة، أو ما يُعرف بـ"شتازي"، بمثابة حكومة ظل قوية وبصلاحيات واسعة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية الشيوعية.
فخلف هذه الجدران الصماء، قام إريك مايلك بتأسيس أول دولة تجسسية في العالم، تضم شبكة واسعة من العملاء والمخبرين، تغلغلت داخل كافة المدارس والمصانع، حتى داخل المنازل والبارات في مختلف أنحاء الدولة، وفق آنا فوندر، مؤلفة كتاب "شتازي لاند: قصص من خلف جدار برلين."
نقطة تفتيش تشارلي:
وقبل سقوط جدار برلين الذي كان يقسم المدينة إلى شطرين، عام 1989، كان التباين واضحاً بين برلين الغربية، التي كانت تمثل نموذجاً للحرية خلف ذلك الجدار الحديدي، وبرلين الشرقية، التي طبعت بالصبغة "السوفيتية" لقرابة 50 عاماً، بحسب بيرند كوستكا، مؤلف "برلين: عاصمة الجواسيس."
ويقول كوستكا إنّه "فقط هنا في برلين، كان الطرفان الرئيسيان المتصارعان في الحرب الباردة، يعيشيان جنباً إلى جنب."
وتذكر المؤلفات أن جون لو كاريه، والملقب بـ"الجاسوس الذي أتى من الجهة الباردة"، كان يحيك المؤامرات عند نقطة تفتيش شارلي، وهي أشهر معبر بين شطري برلين، وتعد هذه النقطة حالياً وجهة سياحية في كروزبرغ، برلين.
كما تشير إلى أن هناك عدد لا يحصى من الأفلام التي جسدت الأهمية التاريخية لنقطة تشارلي في عام 1961، أثناء المواجهة بين الدبابات السوفيتية والأمريكية، فضلاً عن فيلم للسينمائي ريتشارد بورتون.
محطة قصر الدموع:
ويمثل موقع "محطة قصر الدموع"، التي أنشأها لو كاريه، أجواء لجنون العظمة.. وسميت بقصر الدموع على الوداع الحزين للأسر المشتتة، إذ أن المحطة كانت تعتبر بمثابة نقطة عبور رسمية للألمان الغربيين، الذين يأتون لزيارة أقاربهم في ألمانيا الشرقية، ويعرض المتحف حالياً شاشات التلفزة التي كانت تستخدم في المراقبة.
متحف الحلفاء:
ويجسد "متحف الحلفاء" في زيلندورف، الجانب الأمريكي من قصص الجاسوسية، ويشتمل على نفق تابع لجواسيس قوات الحلفاء، والذي يمتد طوله نحو 420 متراً تحت جدار برلين، للتجسس على خطوط الهاتف في ألمانيا الشرقية في العام 1953.
وتم تمثيل مشاهد في الموقع في فيلم "البريء"، للممثل إيان ماك إيوان، ويتبعه فيلم لأنطوني هوبكنز، ويذكر بأنه تم اكتشاف الجزء الشرقي من النفق في العام 2012، من قبل رجل كان يقطع الأخشاب.
جسر الجواسيس:
ومن بين أهم معالم الجاسوسية في برلين "جسر الجواسيس"، الذي يقع بالقرب من موقع النفق، بين وانسي في الغرب وبوتسدام في الشرق على نهر هافل، وكان يستخدم كمعبر لتبادل الجواسيس الذين يتم القبض عليهم.
جبل الشيطان:
والمعروف بأنه كان يمثل محطة رادار وتنصت أمريكية وبرج للمراقبة، الذي أصبح مهجوراً، في حين أن رواد الفن "الغرافيتي" في ألمانيا، استطاعوا من وضع بصماتهم عليه.
تجدر الإشارة إلى أنه لن يتم الإفصاح عن أسرار تاريخ هذا المعلم ونشر الوثائق الخاصة به، إلا بحلول العام 2022، حيث يقدرّ عدد الجواسيس الذين عملوا في شبكة المراقبة المعروفة باسم "إيشلون"، ما يقارب الألف جاسوس خلال الحرب الباردة.