الثلاثاء، 4 مارس 2014

العثور على أقدم جبن على جثة مومياء صينية


أجمع الخبراء والذواقون إلى أن الجبنة كلما زاد في عمرها تزداد جودة، لكن يبقى طعم أقدم جبنة في العالم والتي تم العثور عليها في رقبة وصدر مومياوات صينية لغزاً يثير حيرة العلماء.

يعود هذا الاكتشاف إلى 1615 قبل الميلاد حيث تم العثور على كتل من الجبنة محفوظة في بيئة محكمة الإغلاق على صدر ورقبة مومياوات غامضة تعود إلى العصر البرونزي دفنت في صحراء تكلامكان.
وعلى الرغم من أن الدفن الموجود بالقرب من حوض تاريم تم اكتشافه عام 1934 من قبل عالم الآثار السويدي فولك بيرغمان فإن العلماء تمكنوا الآن فقط من تحليل البروتينات والدهون في هذه الكتل الغذائية التي يقدر عمرها بنحو 3600 سنة، من أجل تحديد فيما إذا كان هذا زبدة أم حليب.
وقد جمع الباحثون تحت إشراف تشونسي وان من أكاديمية العلوم الصينية 13 عينة من المواد العضوية الصفراء من 10 مومياوات ومن بينها تلك التي يطلق عليها "الجميلة شياو خه" التي يقدر عمرها بنحو 3800 عام والتي وجدت في كفن، ملامحها تشبه ملامح الأوربيين فأنفها طويل وشعرها أشقر.
وفي هذا الإطار تحدثت الخبيرة آنا شيفتشينكو قائلة: "أظهرت الدراسات الحديثة على الحمض النووي أن سكان هذه المناطق كانوا من الأوربيين والآسيويين على حد سواء".
أما علماء الكيمياء من المعهد الألماني لبيولوجيا الخلايا الجزئية وعلم الوارثة فقد عثروا على الجبنة القديمة تم تحضيرها بسرعة عن طريق الخميرة. وهذه اللقية تثبت انتشار مزارع انتشار الألبان في آسيا في العصر البرونزي.


على الرغم من أن صناعة الجبنة كما هو معروف بدأت في بعض مناطق شمال أوروبا في الألفية الثالثة قبل الميلاد ومن ثم اكتسبت شعبية في مصر وبلاد ما بين النهرين في الألف الثالث قبل الميلاد، إلا أنه لم تظهر حتى الآن بقايا لمنتجات الألبان القديمة. حيث تم العثور فقط في بولندا على بعض بقايا دهون الحليب والتي يقدر عمرها 7 ألاف سنة، وعثر في الدانمارك على أدوات صناعة الجبنة التي يقدر عمرها 5 ألاف سنة.
ويحدثنا أندريه شيفتشينكو الباحث والمحلل الكيميائي بهذا الشأن قائلاً: "نحن لم نحدد فقط بأن هذا المنتج أقدم جبنة في العالم، ولكن لدينا أدلة أيضاً مباشرة على التكنولوجيا القديمة التي كانت مستخدمة آنذاك، وهذه الطريقة في التصنيع كانت رخيصة بما فيه الكفاية وكانت تستخدم من قبل الناس العاديين".
لقد تم الحفاظ على هذه القطعة بفضل الظروف غير العادية التي تم فيها دفن آخر مومياء في مقبرة رقم 5 الواقعة على النهر الصغير في صحراء تكلامكان شمال غرب الصين. كما تم دفن رفات البشر في الكثبان الرملية بالقرب من النهر في توابيت خشبية كبيرة "التي تشبه بشكلها القوارب"، والتي تم لفها بجلد البقر مما خلق نوع من التغليف الفراغي. وإن الظروف المناخية التي وفرها مزيج الهواء الصحراوي الجاف والتربة المالحة سمحت في الحفاظ على شعر المومياء بلونه البني الأشقر والقبعات والعباءات من الصوف والأحذية من الجلد الناعم والسلال المصنوعة من الخيزران.
من غير المفهوم على الإطلاق الحالة التي تم فيها دفن الناس مع شرائح من الجبنة، مع العلم أن العديد من الحضارات الأخرى كانت تدفن موتاها مع النبيذ والخبز، ربما قرر أقارب المومياء تقديم لهم الطعام ليتناولوها في العالم الآخر.


وقد أظهر تحليل الجبنة إلى أن تصنيعها تم من خلال خلط الحليب مع البكتيريا وذلك باستخدام الخميرة التي تشبه إلى حد بعيد الخميرة التي نستخدمها اليوم لإنتاج اللبن أو القريشة. الجدير بالذكر أن الرحالة ماركو بولو هو أول من كتب عن منتجات الحليب السائلة التي يتم تصنيعها باستخدام مثل هذه التقنيات، لقد كان هذا اكتشاف غير متوقع، حيث كان من المعتقد سابقاً بأن الناس في العصور القديمة كانت تنتج الجبنة عن طريق سكب الحليب في أكياس من مصارين الحيوانات التي تحتوي على حمض اللاكتيك الذي يحول الحليب إلى زبدة. وبما أن هذه الطريقة تحتاج إلى قتل الحيوان، فإن الدكتور شيفتشينكو يعتقد بأن استخدام الخميرة تعتبر الأسهل الأرخص في ذلك الوقت.
بالإضافة إلى ذلك فإن دهون الحليب ربما تم إزالته أثناء عملية صنع الجبن مع الإشارة إلى أن هذه الطريقة قيد الاستخدام في المناطق الريفية في سهوب أوراسيا وذلك في التيبيت. وكما هو معروف فإن الناس القدماء كانوا يعانون من عدم تحمل اللاكتوز.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق