الكثير من الأشخاص يتمنون أن تجمد أجسادهم حتى يروا المستقبل و كيف سيكون , فهم
متأكدون أن التكنولوجيا ستصبح أكثر تطورا مستقبلا بحيث يمكن إعادتهم للحياة من جديد
, تماما كما حدث مع جان هيليارد التي تجمدت ثم عادت للحياة من جديد وتعد قصتها
من أكثر القصص المحيرة بالنسبة للعلماء
في ليلة مثلجة من عام 1980 , في مدينة لينغبي - مينيتسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية , كانت جان هيليارد (19 عاما ) تقود سيارتها إلى منزل والديها على طريق تغطيه الثلوج , وكانت درجة حرارة قد انخفضت إلى 22 درجة تحت الصفر , فجأة انزلقت سيارتها وانحرفت عن الطريق , لقد تعطل المحرك , وحاولت جان إعادة تشغيله لكن لا فائدة , كانت تعلم انه في هذا الوقت لن يمر احد من على هذا الطريق , خاصة وانه مغطى بالثلوج والجليد , فقررت مغادرة السيارة و الذهاب إلى منزل صديقها على بعد ميلين من مكان تعطل سيارتها , كانت جان تفكر انه إذا بقيت في سيارتها فتتجمد من البرد حتى الموت , فأفضل قرار بالنسبة لها هو المشي.
مشت جان مسافة طويلة في جو شديد البردة , و كانت كلما اقتربت من وجهتها انخفضت درجة حرارة جسمها , لم تكن ملابسها ملائمة لذلك الطقس , وحين وصلت أخيرا بالقرب من منزل صديقها عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل كانت قد استنزفت تماما , لم يعد جسمها قادرا على المقاومة أكثر فانهارت ... و كان آخر شيء شاهدته قبل أن تفقد الوعي هو منزل صديقها القريب جدا منها .
بقيت الفتاة المسكينة مستلقية على الثلج لمدة 6 ساعات كاملة في درجة حرارة 22 درجة تحت الصفر , ولم يلاحظ احد وجودها في الخارج , فمن كان سيغادر فراشه الدافئ في ذلك الصقيع ! . وفي صباح اليوم التالي على الساعة السابعة خرج صديقها ( ويلي نيلسون ) ليجدها أمام عتبة داره وهي متجمدة تماما .
وحين حاول ويلي اخذ صديقته إلى المستشفى وجد صعوبة كبيرة في وضعها بالسيارة بسبب تجمدها . وقال عن ذلك : " ظننتها ميتة .. كان وجهها مثل شبح " . وعند وصولها إلى المستشفى كانت مفاجأة كبيرة للأطباء حيث لم يسبق لهم أن شاهدوا حالة كهذه , أصيبوا بالدهشة لأنها كانت مجمدة تماما و باردة كما لو أنها أخرجت للتو من فريزر ! , وبدا وجهها أبيضا تماما كشخص ميت , ولم يكن بالإمكان تحريك أطرافها لأنها بقيت على تلك الحال لمدة طويلة .
أخبر الأطباء أهل جان انه لم يتبقى لها سوى الدعاء لتنجو . كانت الممرضات يضعن كمادات ساخنة على جسمها لإذابته و تم قص ملابسها بصعوبة شديدة . الدكتور جورج ساثر وصف حالتها قائلا : " لم أتمكن من اخذ درجة حرارتها لأنه لا يوجد مكان يمكن ان أضع ميزان الحرارة فيه , لم استطع فتح فمها , و لم أتمكن من رفع ذراعها , كانت مجمدة وقاسية ..... مفاصلها لم تكن تتحرك و حتى جفونها مجمدة و صلبة و عيناها لم تستجب للضوء .
بشرتها كانت صعبة الاختراق بالإبرة , لاحقا عندما استطعنا قياس نبضات قلبها كانت 8 دقات في الدقيقة " . بعد ساعتين بدأت جان تعاني من تشنجات عنيفة , وكانت هذه علامة جيدة بالنسبة للأطباء , لكن الخطر مازال قائما , فكانوا قلقين على حالتها بعد استيقاظها , كان هناك احتمال كبير في أن يتلف جزء من دماغها , وقد يضطرون لبتر ساقيها لإبقائها على قيد الحياة. " أمسكت بيدها , و بدأت أناديها باسمها بانتظار استجابتها ...." - قالت أمها .
وعند الساعة الواحدة بعد الظهر بدأت جان تصدر أصواتا ... طلبت ماء ... لقد كانت معجزة طبية بكل المقاييس , ولاحقا في تلك الليلة بدأت يدا جين بالذوبان , و في اليوم الثالث استطاعت أن تحرك قدميها .
جان قالت : " استيقظت في المستشفى وكانت الرؤيا ضبابية وكان الناس يسألونني حول من أكون و أشياء من هذا القبيل ولم استطع أن اعرف لماذا كانوا يتحدثون معي بهذه الطريقة , أو لماذا يعاملونني هكذا بالطبع كنت اعرف هؤلاء الناس , و اعرف من أنا , لكني لم أعرف ما المشكلة ؟؟ " . ساندرا شقيقة جان التي كانت تعتني بها قالت : " كنت اعرف أن جان ستعيش , لكن أكثر معجزة بالنسبة لي كانت ساقيها فقد بدأت تتعافى و في كل مرة أقوم برفع الغطاء عنها أجد أن السواد بدأ يزول شيئا فشيئا , مازلت أعتقد انه أمر لا يصدق " . غادرت جان هيليارد المستشفى بعد 49 يوما بعد أن تعافت تماما دون أن تفقد أي من أعضائها وهي تعيش حياة طبيعية تماما .
جان تتحدث عن قصتها
كانت جان هيليارد تمثلا تحديا بالنسبة للأطباء لإنقاذها , ووصفت الدكتورة رين كيلي نجاحهم في إنقاذها قائلة : " كان يكفينا أنها على قيد الحياة ,كان ذلك رائعا بما فيه الكفاية بالنسبة لحالتها ولكن المكسب الأهم هو عدم فقدان أي من أصابع القدمين أو اليدين , فقط بعض الندوب الخفيفة و هذا أمر رائع " . لكن السؤال المطروح هو : كيف بقيت جين هيليارد على قيد الحياة ؟ .. العلم دائما ما يبحث عن تفسيرات منطقية للحوادث و الأشياء الغريبة التي تحدث , و هناك تفسير واحد علمي يشرح لنا ذلك :في مقال عنوانه " هل سبات البشر ممكن ؟" , نشر عام 2008 في التقرير السنوي للطب بقلم الدكتور شانج شي لي من جامعة تكساس قسم الكيمياء الحيوية و البيولوجيا الجزيئية . يقول فيه : " يمكن لبعض الثدييات الدخول في حالة انخفاض حرارة شديدة أثناء السبات , حيث أن النشاط الأيضي منخفض للغاية , و بعدها تستعيد حيويتها الكاملة عندما استيقاظها " .
هل سبات البشر لأعوام طويلة ممكن ؟ ..
وفي بحث عن العلاج المستخدم لانخفاض درجة الحرارة وجد الدكتور لي : " أن الجزيء الحيوي الطبيعي (5 AMP ) يتيح البدء السريع لنقص الاستقلاب لدى الثدييات . وربما في نهاية المطاف قد تظهر نتائج التطبيقات و التجارب التي تجرى في المختبرات حول انخفاض درجة حرارة الجسم وتبين لنا أن هناك إمكانيات هائلة لإنقاذ الحياة , مثل الصدمات و النوبات القلبية و السكتات الدماغية و العديد من العمليات الجراحية الكبرى " .
في الغرب يدفع الاثرياء مبالغ طائلة لحفظ اجسادهم في ثلاجات كهذه على
امل اعادتهم للحياة في المستقبل
حسب هذه البحوث ما حدث مع جين هيليارد هو أنها تجمدت بسرعة بحيث تخطى جسمها تلف الأنسجة و دخلت في حالة سبات , و هذا ما سمح لوظائف الحياة الأساسية أن تستمر حتى تمت إذابتها من جديد بنجاح . ومن يدري .. ربما يوما ما في المستقبل سيتم تجميد البشر لإنعاشهم وأعادتهم للحياة في زمن آخر .