ورثت قبيلة النافاهو، وهي ثاني أكبر قبيلة من قبائل الأميركيين الأصليين (الهنود الحمر) في أميركا الشمالية تعيش في جنوب غرب الولايات المتحدة، تراثاً ثقافياً غنياً تناقلته الأجيال عبر مئات السنين. وتؤكد المعتقدات الروحانية للقبيلة، التي تعرف بـ "طريقة نافاهو"، على أهمية الحفاظ على التوازن والإنسجام مع الطبيعة.
ويقول روبرت جونسون، أخصائي النشاط الثقافي في متحف "نافاهو" في ولاية أريزونا، "إن الطقوس المقدسة التي يمارسها الأطباء القبليون المداوون ضرورية لديمومة طريقة النافاهو". ومن تلك الطقوس تراتيل الصلوات الإيقاعية ورسم تصاوير هندسية دقيقة متقنة بالرمل.
ولأداء تلك الطقوس أسباب متنوعة، سواءً لتحسين الحالة الصحية والعقلية للمريض أو احتفاءً بمرحلة هامة في حياة شخص ما.
وعلى الرغم من أن محميّة النافاهو، والتي تشمل شمال شرق ولاية أريزونا وقسماً من جنوب شرق ولاية يوتا وجزءاً من شمال غرب ولاية نيو مكسيكو، تضم نحو 300,000 نسمة، فإن الأشخاص المدرَّبين على أن يكونوا أطباء للمداواة القبلية يُعدّون على الأصابع. لذلك، وضع شيوخ القبيلة عام 2002 برنامجاً خاصاً للتدريب هدفه تجنيد مزيد من شبان النافاهو لتعليمهم الطقوس والمراسم التي يمارسها الأطباء المداوون.
المراسم والطقوس القديمة لطريقة النافاهو:
لا تقتصر مهمة أطباء النافاهو على المداواة فحسب، بل يقومون أيضاً بدور المؤرخين ذوي المعرفة الواسعة بالتقاليد والأساطير القبلية. ويقول جونسون إن النقص في أعداد هؤلاء الأطباء أدى إلى انقراض بعض الطقوس الغامضة لكنه لا يزال هناك عدد كاف من الأطباء في المحمية لأداء أربعة طقوس مراسمية رئيسية تشكل العمود الفقري لطريقة النافاهو وأداء الطقس الإحتفالي المعروف بـ "طريقة المباركة" الذي يُختتم به كل طقس.
والطقوس الأربعة هي: طريقة قمة الجبل، ومراسم الجدود (وهي احتفالات تستمر تسعة أيام في فصل الشتاء)، وطريقة العدوّ، وأخيراً طريقة الصواعق.
والغرض من هذه الطقوس الأربعة هو معالجة الإختلالات والإضطرابات النفسية المختلفة أو عدم التوازن. لكن طريقة العدوّ لها غرض خاص، فهو طقس كان يُمارس في الماضي لمباركة المحاربين العائدين من المعركة.
وتتسم معظم طقوس النافاهو الأخرى التي تمثل مراحل وأحداث الحياة الهامة بالبهجة والفرح، إذ يمارسون طريقة "المباركة" للأمهات الحوامل في الشهر الثامن من حملهن وذلك لحمايتهن أثناء الولادة ولضمان سلامة المولود. كما تقام طقوس خاصة عندما يبلغ الأولاد سن البلوغ.
وتحدد طريقة النافاهو أربع مراحل في الحياة هي: الطفولة والمراهقة والرشد والشيخوخة. وليس هنالك من طقوس خاصة للموت في ثقافة النافاهو، وتقول أونيس كاهن، المسؤولة عن المحفوظات في متحف النافاهو، "نحن نؤمن بأن أرواحنا ستنضم في نهاية المطاف إلى أرواح أسلافنا."
لوحات الرسوم الرملية:
النافاهو والعالم المعاصر:
وفي حين يواجه النافاهو، ورثة ثقافة فريدة، متطلبات الحياة العصرية ويتغلبون على
تحديات العالم الحديث يسعون جاهدين أيضا في سبيل الحفاظ على تقاليدهم التي يعتزون
بها. ويقول جونسون "يعمل كثير منهم خلال أيام الأسبوع في المدن الحدودية" القريبة
من المستوطنة "ويعودون في عطلة نهاية الأسبوع إلى المحمية حيث يندمجون غارقين في
الثقافة القبلية." فممارسة طريقة النفاهو، في اعتبار أفراد القبيلة، تعزز شعورهم
بالهوية وتخلّد دستورا روحانيا أمد أجدادهم بالبقاء ويعد بهدي أجيال المستقبل أيضا
وإرشادها.