عرض المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة "مودرن ميدوو"، وهي مؤسسة أنشئت حديثاُ لصنع اللحوم في المختبر، أندراس فوغاكس، لمحة نادرة عن مستقبل الخيال العلمي لأطعمة المستقبل، في إحدى المناسبات العلمية الشهر الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأنتج فوغاكس رقائق صغيرة وردية اللون، وأسماها "رقائق اللحم"، ودعا الناس إلى تذوقها. ولكن هذه لم تكن وجبات خفيفة عادية: إذ أن رقائق اللحم صنعت في المختبر، من عينات صغيرة من أنسجة الحيوانات، أو ما يسمى بـ"لحوم أنبوب الاختبار".
ويعتبر فورغاس من بين جيل جديد من رجال الأعمال الشباب الذين يسعون إلى توظيف التكنولوجيا والابتكار لمواجهة التحديات المتزايدة فيما يرتبط بالإنتاج الغذائي العالمي.
وقال المدير التنفيذي في مختبر "روزا لابز" ومقره في لوس أنجيليس، روب رينهارت: "بمجرد أن نبدأ في رؤية الطعام من وجهة نظر التكنولوجيا، باعتباره شكلا من أشكال أجهزة الحاسوب مثلاً، سنسأل حتماً، لماذا لا يمكن للطعام أن يكون أفضل؟"
ويبدو أن أصحاب مشاريع الأعمال الجديدة المرتبطة بالأطعمة البديلة والمصنعة في المختبر يواجهون تحديات صعبة، في ظل تركيز العديد من الأشخاص بشكل متزايد على الطعام العضوي، والأطعمة الطازجة في المزرعة، ما يجعل من اللحوم المصنعة في المختبر غير طبيعية أو جذابة. ووجدت استطلاع صادر عن "بيو" مؤخرا أن 80 في المائة من الأمريكيين لن يأكلوا اللحوم المصنعة في المختبر.
وقال عالم الأبحاث في جامعة "كارديف" في ويلز نيل ستيفنز والذي عكف على دراسة المنتجات الغذائية المعدلة وراثيا في المختبر إن "اللحوم المصنعة في المختبر مفهومها جديد ومختلف مقارنة باللحوم التي اعتدنا على تناولها." 
ويرى أنصار اللحوم المصنعة في المختبر أن الأساليب المعتمدة لتربية المواشي تعتبر مسرفة وضارة بالبيئة، وتتطلب كميات هائلة من المياه، فضلاً عن تلوث الأنهار بالسماد.
علاوة على ذلك، فإن الطلب على اللحوم، من المتوقع أن يتضاعف خلال الـ40 عاما المقبلة، ما يضع مزيد من الضغط على الموارد الطبيعية لكوكب الأرض.
وأوضح أنصار اللحوم المصنعة في المختبر، أنها ستترك بصمة أخف بكثير، وربما تساعد في نهاية المطاف في مواجهة أزمة نقص الغذاء في بعض أجزاء من العالم.
من جهته، أشار رجل الأعمال والمؤسس المشارك لـ"تويتر وجيلي" بيز ستون، إلى أن "الحفاظ على النموذج الحالي لإنتاج اللحم خارج المختبر لن يكفي لإطعام 7 مليارات نسمة."
وفعلياً، بدأت مجموعة من الشركات التكنولوجية الناشئة بتطوير المنتجات الغذائية البديلة.
أما الأشهر من بينها فهي "مودرن ميدوو". وأطلقت في العام 2011 من قبل فورغاس ووالده غريغور فورغاس، وهو مهندس بيولوجي. ومن أجل صنع اللحوم في المختبر، تعتمد الشركة على خلايا العضلات من اللحم، وتضع البروتينات لتحفيز نمو الأنسجة. وتوضع العينات في حاضنة صغيرة حتى تنمو، ومن ثم توضع فوق بعضها طبقة بعد طبقة، بمساعدة الطابعة الثلاثية الأبعاد. وبمكن للعملية أن تستغرق أسابيع عدة.
وتتتطلب عملية اللحوم المصنعة في المختبر، فريق كبير من الباحثين، فضلاً عن أن كلفتها خيالية.
وتجدر الإشارة إلى أن أول شريحة لحم مصنعة في المختبر في العالم، تم طبخها وتقديمها إلى نقاد الطعام في مؤتمر علمي في أغسطس/آب الماضي في العاصمة البريطانية لندن. أما المشروع فبلغت كلفته 325 ألف دولار.
ويعني هذا الأمر، أن اللحوم المصنعة في المختبر، لن تتوفر عما قريب في الأسواق، لكن الأمر بالطبع سيحصل في المستقبل.
وقال فوغاكس: "ستحصل ثورة حقيقية بعد عقد أو عقدين من الزمن،" إذ يتوقع العلماء أن يحصل تحول جذري في كيفية إنتاج الأطعمة في العام 2030.
ولكن، لا يمكن تغييب أهمية العامل الصحي في هذه العملية، إذ رغم أن اللحوم في المعمل تكون خالية من البكتيريا والمبيدات الحشرية، إلا أنها تتطلب هرمونات النمو الاصطناعية حتى تنمو.
كذلك، يوجد التحدي المتمثل بكيفية جذب المستهلكين لتناول اللحوم المصنعة في المختبر، خصوصأ أن البشر يتناولون اللحوم منذ أكثر من مليونين سنة.