الاثنين، 3 مارس 2014

مارتى ريبولس.. قصة أشهر سفاحة أطفال فى أسبانيا


إنركيتا مارتى ريبولس (Enriqueta Martí i Ripollés ) اسم ربما لم يسمع به الكثيرون لأشهر قاتلة أطفال فى التاريخ الحديث، وهى امرأة كاتلونية تجردت من كل عاطفة ورحمة، وتحولت إلى مخلوق بشع يقتات على بقايا الأطفال وأشلائهم، ليس لمرض عقلى أو عقدة نفسية كما هو الحال بالنسبة لبقية المجرمين، ولكن من أجل الحصول على المال، فالأطفال هم جزء من مهنتها وشحومهم ودماؤهم هى أهم عنصر فى صنعتها، فهى ساحرة شريرة تحتفظ بمجموعة من الكتب والمخطوطات السحرية القديمة وتستعملها لصنع وصفاتها الدموية.
فى نهاية القرن التاسع عشر، فى أحد شوارع برشلونة، خطت شابة جميلة أولى خطواتها داخل المدينة الكبيرة، لا أحد يعلم على وجه الدقة من أين أتت، ولكنها كانت واحدة من القرويات اللواتى يقدمن إلى المدينة كل يوم باحثات عن حياة جديدة وفرصة عمل تساعدهن فى التخلص من فقرهن المدقع والمزمن، لكن هذه الأمانى والأحلام سرعان ما تتبخر وتضيع فى زحام المدينة، وغالبا ما ينتهى بهن المطاف إلى العهر وبيوت الدعارة ليبعن أجسادهن بأبخس الأثمان.
عملت "إنركيتا" فى البداية كخادمة فى بيوت أحد الأثرياء، لكنها تركت هذه المهنة بعد فترة قصيرة وامتهنت الدعارة، فغدت واحدة من عواهر برشلونة الجميلات، لكنها تميزت عن الأخريات فى أنها وضعت لنفسها هدفا، ربما كان لا أخلاقيا، لكنه على كل حال كان حافزا لها للوصول إلى غايتها التى تجردت فى سبيلها من أى مشاعر إنسانية.
وكانت ذكية وفهمت منذ البداية ما هى البضاعة الرائجة فى مهنتها، فبعض الأغنياء مستعدون لدفع مبالغ كبيرة من أجل تحقيق نزواتهم الشاذة، وهؤلاء المرضى النفسيون الموجودون فى كل زمان ومكان، يبحثون عن الأطفال لتفريغ نزعاتهم السادية ورغباتهم الجنسية المنحرفة، وبدأت "إنركيتا" بتوفير هؤلاء الأطفال لهم، ولم يكن أحد يعلم من أين تأتى بهم ولم يكن مصدرهم مهما بالنسبة للأغنياء الذين أخذوا يدفعون لها بسخاء لقاء خدماتها.


فى عام 1909 داهمت الشرطة شقة "انركيتا" لتكتشف داخلها مجموعة من الأطفال من الجنسين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والخامسة عشرة، لكن رغم إلقاء القبض عليها متلبسة فإنها لم تحاكم وسرعان ما أطلق سراحها بواسطة مال ونفوذ زبائنها الأغنياء، ولا أحد يعلم متى بدأت بقتل الأطفال ومتى بدأ اهتمامها بالسحر والوصفات السحرية، لكن الأكيد هو أن شغفها الكبير بالمال هو الذى دفعها إلى هذا المسلك منذ زمن بعيد.
كان هناك اعتقاد قديم بأن دماء الأطفال وشحومهم لها خواص طبية وسحرية؛ لأن الدم كان السحرة يحضرون به أكسير الحب بعد أن يمزجوه بمواد أخرى مذكورة لديهم فى وصفات سحرية قديمة، ومن الشحم كان يحضر زيتا يدهن به الجلد، فيعيد له شبابه ونضارته، وفى القرن التاسع عشر كان هناك الكثير من الناس لايزالون يؤمنون بهذه الخرافات، فكان بعض من أغنى وأجمل نساء برشلونة يستعملن هذه المستحضرات، ورغم أن أغلبهن يعلمن ما هى المواد التى تصنع منها، فإن ذلك لم يكن له أى أهمية، فأطفال الفقراء فى نظرهن أقل مرتبة حتى من الحيوانات.
وتتنكر إنركيتا بالنهار فى ملابس رثة وقذرة أشبه بملابس المتسولين، ثم تتوجه إلى أكثر أحياء المدينة فقرا، وكانت تبحث عن ضحاياها قرب الكنائس والجمعيات الخيرية، حيث يتجمع الأطفال الفقراء من أجل الحصول على كسرة خبز، وكانت تراقب الأطفال الذين يلعبون فى الشارع بعيدا عن أنظار أهلهم، وكان صيدها المفضل هو الأطفال المشردون واليتامى الذين لا يسأل عنهم أحد والذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة واثنى عشر عاما، عادة تقوم بخداعهم بقطعة حلوى أو وعد بوجبة شهية وأحيانا عنوة إذا كانوا صغارا فى الثالثة أو الرابعة من العمر، ثم تحملهم معها إلى إحدى شققها الكثيرة فى أنحاء المدينة.
وتتحول فى الليل إلى دوقة أو ماركيزة، فترتدى افخر الثياب والمجوهرات وتذهب بواسطة عربة فاخرة إلى دار الأوبرا والمنتديات الاجتماعية الراقية، وهناك كانت تتواصل مع زبائنها من الطبقة العليا، تتعرف إلى الأغنياء من وجهاء وأعيان المدينة وتوفر لهم ما تتطلبه نزواتهم الشاذة، وتتقرب إلى النساء الجميلات الباحثات عن كسب قلوب الرجال فتقدم لهن أكاسير وتعاويذ سحرية مصنوعة من دماء وأشلاء الأطفال، أما الراغبات ببشرة ناعمة فكانت تمدهن بمستحضراتها التجميلية المصنوعة من شحوم الأطفال، وبالمقابل كان هؤلاء الزبائن الأثرياء يقدمون لإنركيتا المال الوفير والحماية.


وآخر ضحايا "إنركيتا" كانت طفلة فى الخامسة من عمرها اسمها تريزيتا غيوتر، اختطفتها عام 1912 بينما كانت تلعب أمام منزلها فى إحدى الضواحى الفقيرة ثم نقلتها إلى إحدى شققها لتحبسها مع طفلة أخرى، وبدأ والدا تريزيتا يجولان فى أحياء المدينة ومراكز الشرطة بحثا عن ابنتهما الصغيرة، كانت الطفلة المسكينة قد بدأت تعى ما ينتظرها من مصير أسود، فقد أخبرتها الطفلة المسجونة معها عن طفل صغير كان يلعب معها فى الشقة، لكن فى أحد الأيام اصطحبته انركيتا إلى المطبخ ومددته على الطاولة الخشبية ثم ذبحته بالسكين وقطعت جسده وملأت قناتين من دمه، ثم قامت بإلقاء أشلائه فى قدر كبير يغلى لاستخلاص الشحم ولتحضير خلطاتها السحرية، فبعد سبعة عشر يوما على اختطاف تريزيتا لاحظت إحدى الجارات، عن طريق الصدفة، طفلة تحدق نحو الشارع بحزن من خلال الزجاج القذر لنافذة شقة إنركيتا.
وكانت المرأة تعرف أطفال الحى جميعهم ولم تكن قد رأت هذه الطفلة من قبل، كما أنها كانت تشبه الأوصاف التى عممتها الشرطة عن الطفلة المخطوفة، لذلك قامت المرأة باستدعاء الشرطة فى فبراير عام 1912 وفتحت إنركيتا باب شقتها لتفاجأ برجلى شرطة يسألانها عن وجود طفلة غريبة فى بيتها.
وسرعان ما بدأت تتكشف خبايا واحدة من أشهر القضايا الإجرامية فى تاريخ برشلونة وإسبانيا، لتنشر موجة من الخوف والهلع بين السكان، وأخذت الجرائد تكتب فى صفحات كاملة عن إنركيتا وجرائمها مطلقين عليها لقب مصاصة دماء برشلونة " la vampira de Barcelona " وهو لقب تستحقه بجدارة، وأخذت التقارير والشائعات حولها تعم إسبانيا حتى طغت على أخبار القلاقل السياسية والأمنية التى كانت تعصف بالبلاد آنذاك.
وعثرت الشرطة على أشياء مروعة، جثث وبقايا بشرية فى كل مكان، ملابس أطفال مغطاة بالدماء، مخطوطات سحرية قديمة مكتوبة بلغات ورموز غير مفهومة، قدور كبيرة كانت تستعمل لغلى الأطفال، وربما كان أهم وأخطر الأشياء التى تم العثور عليها هو سجل يحتوى على أسماء وعناوين زبائن إنركيتا الأغنياء، وكانت بينهم أسماء كبيرة ومشهورة كان الإفصاح عنها سيؤدى إلى فضيحة مدوية فى البلد.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق